النوع الأول: هو الترتيب الشرعي المأخوذ من الكتاب ومن السنة، ومما عليه السلف الصالح وهو عقيدة
أهل السنة والجماعة ، فلهم ترتيب في الولاية ودرجاتها.والنوع الآخر: ترتيب بدعي أحدثه
أهل التصوف وأشبابهم من
المتفلسفة، فجعلوا للولاية ترتيباً آخر مخالفاً ومغايراً لما جاء عن الشرع.فأما ترتيب الأولياء أو درجات الولاية في الشرع، فإنه يبدأ بأفضل الأولياء، وأفضل الأولياء هم الأنبياء، وأفضل الأنبياء هم أولو العزم الخمسة، وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم.نستطيع أن نأخذه من الآية: ((
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ))[يونس:62-63] فأكثر الناس إيماناً وأكثرهم تقوى هم الأنبياء.إذاً: هذه هي المرتبة العليا، وكل مرتبة تحتها مرتبات وكل مرتبة فيها درجات، فالمرتبة الأولى من مراتب الولاية مرتبة النبوة، والأنبياء أيضاً متفاضلون: ((
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ))[البقرة:253] كما تقدم في مبحث النبوة والرسالة، فالله سبحانه وتعالى فضلهم حيث قال سبحانه: ((
وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ))[الإسراء:55] وأفضلهم أولو العزم، وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم.أما هذه الأمة فنرتب من جهة درجات ولايتها والأفضلية، فأفضل رجل في هذه الأمة، أو أفضل الأولياء من هذه الأمة هو
أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لا شك في ذلك؛ ولذلك فشيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله يريد أن يبطل كلام
الصوفية وغيرهم، بأن الأمة الإسلامية كلها اتفقت سنيها وشيعيها أيضاً على أن أفضل الناس وأفضل هذه الأمة وأفضل الأولياء هو أحد الخلفاء الراشدين، لكن عامة المسلمين
أهل السنة والجماعة يقولون: إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها
الصديق رضي الله تعالى عنه، وأما
الرافضة وسائر
الشيعة بدرجاتهم فيقولون: إنه
علي رضي الله تعالى عنه؛ ليخرج قول
الصوفية وأمثالهم عن أن يكون من أقوال هذه الملة من أقوال المسلمين؛ لأن الرسالة رسالة
شيخ الإسلام رحمه الله
الفرقان هذه رسالة عظيمة جداً، وموجودة في
الفتاوى ، ويمكن قرأتموها وهي مخرجة من غير الفتاوى.فموضوع المفاضلة ذكره الشيخ في هذه الرسالة فهو يكتب ويسترسل ثم يعقد فصلاً، ثم يسترسل ثم يعقد فصلاً، فتتداخل الموضوعات، بحيث لو أنك أردت أن تلخص هذه الرسالة وترتبها من جديد، إن استطعت أن تركبها تركيباً أو ترتبها ترتيباً آخر، ففي صفحة (223) من
مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر، يقول: (وبالجملة اتفقت طوائف السنة و
الشيعة -على اختلاف طوائف
الشيعة بين الغالي منهم وبين ما هو أدنى اتفقوا مع
أهل السنة على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها -وهو أفضل الأولياء- واحد من الخلفاء، ولا يكون من بعد الصحابة) أفضل من الصحابة، هذا القول الذي اتفقت عليه
أهل السنة و
الشيعة على اختلاف درجاتهم، ومن كان منهم في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فإن بعضهم أظهر القول بأن
علياً هو الأفضل؛ ولهذا خطب
علي رضي الله تعالى عنه وقال من على المنبر: [
لا أوتين برجل فضلني على أبي بكر و عمر إلا جلدته ثمانين جلدة حد الفرية ] حد الافتراء.فالمقصود أن هذا دليل على أنه لا يصح لأحد أن يأتي من بعد فيزعم أو يدعي أن أفضل الأولياء هو رجل آخر من غير جنس الصحابة رضي الله تعالى عنهم، هذا هو المقصود.والإجماع منعقد على أن الولي يكون من الصحابة، وإن ضلت فيه
الشيعة ، وقالت: إنه
علي ، لكن أصل اعتقاد أن الولي لا بد أن يكون من الصحابة هذا حق، بغض النظر عمن عينوا، هذا يرد على من سنذكرهم إن شاء الله فيما بعد.فإذاً: عندنا النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأولياء عند الله عز وجل قاطبة من الأنبياء وغيرهم، ثم أفضل الأولياء من هذه الأمة هو
أبو بكر رضي الله تعالى عنه، ثم ترتيبهم في الولاية كترتيبهم في الفضل المعلوم، فيكون الخلفاء الأربعة الراشدون أفضل ممن بعدهم، وبقية العشرة أفضل ممن دونهم، ثم أصحاب
بدر أفضل من غيرهم، ثم أصحاب الشجرة أفضل وأكثر ولاية لله تعالى من غيرهم، ثم عموم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولو أن الواحد منهم لم ير النبي صلى الله عليه وسلم إلا لحظة واحدة رآه ومات مؤمناً به، فهو أفضل ممن بعده، ثم بعد الصحابة أفضل الناس هم التابعون.إذاً: الولاية كما ترون درجات، ودرجاتها بحسب الفضل هكذا.